
أكد رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في خطاب ألقاه اليوم الثلاثاء لدى افتتاح القمة الدولية حول التطرف العنيف في نيويورك، أن بلادنا تبنت مقاربة مندمجة واستطاعت منذ 2009 ان تؤمن جميع التراب الوطني وان توقف جميع العمليات الإرهابية التي كانت تستهدفها.
وأضاف ان النجاحات التي تحققت في هذا المجال كانت ثمرة لرؤية متأنية واستراتيجية متعددة الأبعاد تزاوج بين العمل الأمني البحت وسياسة الحوار، اضافة الى تنمية تستهدف في الأولوية الفئات الهشة من المجتمع.
وشكر رئيس الجمهورية في بداية خطابه الرئيس الامريكي باراك أوباما على الدعوة التي وجهها اليه لحضور هذه القمة بغية المشاركة في هذا اللقاء بالغ الأهمية المخصص لموضوع يشكل انشغالا رئيسيا للمجموعة الدولية.
وقال: "إنه لشرف لي عظيم أن أتناول الكلام أمامكم هنا في مدينة نيويورك والتي عانت في تاريخها الحديث من ويلات الجنون البشري، وبقيت شامخة لتقول للعالم انها نموذج جميل من الحرية والتقدم".
واوضح رئيس الجمهورية ان الارهاب والتطرف العنيف يشكلان تحديا كبيرا في الوقت الراهن.
وقال "ان الحزم المطلوب اتجاه الإرهاب والتطرف العنيف، يفرض علينا معالجة مصادره، حيث بات جليا ان التشدد الذي يؤدي الى الارهاب والتطرف ينمو دائما في أوساط يطبعها الحرمان وانعدام حرية التعبير.
تلك ظواهر تنمو تلقائيا في غياب ظروف حياة كريمة ملؤها العدالة والحرية، وغياب الأفق. ان التطرف العنيف ينتج دائما بيئة من الفقر وانعدام العدالة والتهميش وغياب الثوابت".
وأشار الى ان هذه العوامل الخاصة بكل مجتمع ينضاف اليها التدخل الدولي الذي غالبا ما يزيد الوضع تفاقما، فالتدخلات العسكرية في مختلف السياسات الداخلية على الرغم من شرعيتها احيانا بإمكانها ان تزيد من الفوضى والبلبلة وخلق بيئة مؤاتية للتطرف والإرهاب.
وقال: "إن الأزمة الليبية التي مازالت تداعياتها قائمة اليوم مهددة منطقة الساحل برمتها خير مثال على ذلك. فبالرغم من اننا لا نريد ان يبقى الوضع على ما كان عليه يضيف رئيس الجمهورية "الا ان دول المنطقة حذرت في بداية هذه الأزمة من الخطر المحدق المتعلق بالانهيار التام للدولة ومؤسساتها وأجهزتها الحكومية".
وأضاف رئيس الجمهورية:
"وبالنظر الى الوضعية الحالية في منطقة الساحل فإننا نأسف على عدم إصغاء المنظومة الدولية لهذا النداء.
ومما لاشك فيه ان التدخل العسكري في ليبيا أنهى حكما استبداديا كان يمارس القمع ولكنه في المقابل فتح قوسا من الفوضى العميقة تزيد من عدم الاستقرار والتطرف العنيف داخل المنطقة برمتها.
ففي شمال مالي تم استغلال مطالب الشعوب المحلية في هذه المنطقة من قبل مجموعات ارهابية وشبكات لتهريب المخدرات لزعزعة استقرار هذه الدولة الشقيقة، وزادت قوة هذه المجموعات بعد ان تم تفكيك ليبيا.
وغير بعيد في الجنوب وصل التطرف العنيف الى مستويات غير مألوفة وأصبح مصدرا لعدم الاستقرار في افريقيا الغربية والساحل.
امام هذه التحديات يجب ان تنطلق جميع المعالجات من الواقع المعقد ومتعدد الأبعاد لظواهر التطرف والتشدد، فالمقاربة الأمنية المبسطة تؤدي لا محالة الى نفق مسدود، وبدلا ان تعطي نتائج من شأنها القضاء على التطرف فإنها في النهاية تزيد من تنميته وخطورته.
ان المقاربة الناجعة امام هذه الظواهر تتطلب معالجة مسبباتها وتجلياتها، والجمع بين ردة الفعل المناسبة ومعالجة الظاهرة في جذورها، كما تتطلب كذلك تضافر المجهود العام والعمل المحلي.
وعلاوة على الأبعاد الأمنية ينبغي الأخذ في الاعتبار القضايا العقائدية والسياسية والاجتماعية".
وقال رئيس الجمهورية "ان بلادنا قد تبنت هذه المقاربة المندمجة و استطعنا منذ 2009 ان نؤمن جميع التراب الوطني وان نوقف جميع العمليات الإرهابية التي كانت تستهدف بلادنا. ان النجاحات في هذا المجال كانت ثمرة لرؤية متأنية واستراتيجية متعددة الأبعاد تزاوج بين العمل الأمني البحت وسياسة الحوار، اضافة الى تنمية تستهدف في الأولوية الفئات الهشة من المجتمع.
في هذا الإطار قيم بعمل جبار يتوخى تجهيز وإعداد قواتنا المسلحة وقوات امننا ضمانا لعدم اختراق حدودنا وضمانا لأمن المواطنين وممتلكاتهم ، وموازاة مع ذلك قمنا بعمليات إقناع استهدفت شبابا كان معرضا للتطرف وكان لسياسة اليد الممدودة من خلال حوار قاده علماؤنا وفقهاؤنا الأثر الإيجابي في اعادة هؤلاء الى جادة الصواب ودمجهم اجتماعيا في وقت كانوا فيه معرضين للتطرف والعمل الإرهابي".
واضاف: "إن بلادنا انطلاقا من حرصها على التعريف بالاسلام السمح والاصيل ، في مواجهة التطرف العنيف والغلو، نظمت العديد من الملتقيات والندوات لبث الوعي والإدانة الشديدة للتطرف والغلو واستغلال الدين في الأغراض السياسية".
واستعرض الجهود التي بذلتها الدولة في السنوات الاخيرة وتوجيه العمل الحكومي لدمج الشباب وإشراكه في الحياة العامة وفي العملية التنموية وتحسين ظروف الفئات الهشة وضمان نفاذهم الى الخدمات الاساسية.
وقال:
"إن التصدي للغلو وعدم التسامح والتطرف العنيف مسؤولية عالمية، حيث لا تستطيع دولة، بمفردها، مهما كانت قوية، أن تمنع حدوث أي تهديد. ويمكننا فقط من خلال إرادة سياسية قوية وتوحيد الأداء أن نحقق آمالنا في إيجاد عالم خال من الارهاب وذلك يتطلب جهودا متعددة الجنسيات تتعدى الأساليب التقليدية والمحلية".
إضافة تعليق جديد